رغم الألم والتشويه، موقف حماس من قضية الحجاج صحيح
أحمد أمين
رغم كل الضيم والظلم والافتراء والتشويه الذي لحق بحركة حماس جراء موقفها من قضية الحجاج، إلا أن موقف الحركة وحكومتها مبرر ومنطقي، والحركة معها كل الحق في ما قامت به.
صحيح أن الموضوع يمس وتراً حساساً لأنه متعلق بفريضة دينية لها خصوصيتها وهيبتها، إلى أن ذلك لا يعني توجيه اللوم بدون وعي أو أدنى جهد من تفكير.
وفي الحقيقة فإن قضية الحجاج كانت فرصة ذهبية لسلطة رام الله، لكي تعمل سكاكين التشويه والتشنيع في الجسد الحمساوي والغزاوي، خاصة في ظل التواطؤ المصري السعودي مع رام الله، وبالتالي لم يكن من المستغرب أن تقتنص رام الله الفرصة وتشن الهجوم التشويهي على حماس.
هل تقبل حكومة رام الله مثلاً أن يرسل حجاج من الضفة أسماءهم إلى غزة لكي تشملهم القرعة هناك، الإجابة بالتأكيد لا، نفس الأمر حصل مع الحكومة في غزة، إذ بما أنها تعتبر نفسها الحكومة الشرعية فقد أجرت قرعة حجاج غزة، ما حصل لاحقاً أن السعودية رفضت منحهم التأشيرات اللازمة، فكان من الطبيعي للحكومة في غزة أن ترفض خروج الحجاج الذين تسجلوا لدى حكومة فياض غير الشرعية في رام الله، والذين مُنحوا التأشيرات من السعودية لمحاصرة وإحراج حماس.
لو كانت هناك ذرة حياء ومروءة لدى رام الله، لجرى تنسيق من نوع ما، بينها وبين غزة، استثناءً من القطيعة التامة بينهما، لتنسيق حصة غزة من الحجاج وقرعتهم وخروجهم للحج، وذلك كما يجري مثلاً في حالة امتحان الثانوية العامة. لكن كما ذكرنا كان الأمر بمثابة الفرصة الذهبية لرام الله والتي لم تفوتها، خاصة أن توقيت الموضوع جاء في ظل تأزم الوضع الداخلي الفلسطيني إلى أقصى مدى، في ظل فشل الحوار الفلسطيني وما تلاه من اجتماعات وزراء الخارجية العرب، التي انحاز فيها العرب، وعلى رأسهم مصر والسعودية، بشكل واضح إلى جانب عباس وفريقه.
وبالتالي فرغم كل المناشدات، بل وحتى التوسلات، المبالغ فيها أحياناً، رفضت السعودية منح الحجاج الذين أجرت لهم الحكومة في غزة القرعة التأشيرات اللازمة، واقتصرت على من تريد رام الله إخراجهم.
أما الدور المصري في الموضوع، فحدث ولا حرج، وهو أيضاً كان توقيته مناسبا بالنسبة لمصر للضغط على حماس والانتقام منها بسبب رفضها حضور الحوار، وهكذا فقد أعلنت مصر عن فتح معبر رفح أمام الحجاج الحاصلين على التأشيرات عن طريق رام الله عبر وسائل إعلامها، ودون أي تنسيق مع الحكومة في غزة، على عكس ما جرت عليه العادة من تنسيق فتح المعبر في المرات القليلة التي كانت مصر تفتحه أمام المرضى أو الطلاب أو غيرهم.
كان الله في عون غزة والحكومة في غزة وأهل غزة، على ما يُكاد لهم من مكائد ومؤامرات وتشويه تنوء بحملها الجبال. ففوق الحصار المخزي العربي قبل الإسرائيلي، يأتي الآن هذا الاستفزاز وهذه الدناءة من قبل هذه الأطراف مجتمعة.